Tuesday, March 28, 2006

جبور الدويهي: شخصيات <<مطر حزيران>> مؤلفة لكن الأحداث حقيقية

عناية جابر
السفير 28-03-2006

منذ <<اعتدال الخريف>> و<<ريا النهر>> و<<عين وردة>> والآن <<مطر حزيران>> عن <<دار النهار>> يستوي الروائي جبور الدويهي في مملكته السردية الخاصة، ناهجاً في صوته الأدبي الى رأب الصدع بين ماضي البلد، وحاضره. وهو بقلمه، يقظته وإحساسه وفرادة بصمته، يهتك غباراً كاد يستعصي، ويفرج عن حيوات وكائنات وأمداء اوشكت الذاكرة ان تطويها. عن كتابه الصادر حديثاً <<مطر حزيران>> والمهدى الى سمير قصير، كان هذا الحوار. 
لماذا <<مطر حزيران>> الآن، بما هي استعادة روائية لحادثة موت ثأري جماعي جرت في خمسينيات القرن، حادثة مزيارة، قضاء زغرتا. هل هو سردك التبشيري السياسي، ام انها المقتلة بحد ذاتها، كانت ذريعة للأدب؟ 
بداية، وراء اختيار هذا الإطار الحدثي للرواية، تقف حادثة عنف مشهودة حدثت في خمسينيات القرن الماضي، وما تلاها في ما بعد من أحداث وقعت سنة 1958. الحادثة ليست ذريعة للأدب فقط، بل هي ما حثني بعض الاصدقاء على كتابته، وأولهم سمير قصير، انطلاقا من ان حادثة من هذا النوع قد جرت، لا يجدر بي ككاتب ان أسقطها في النسيان، من دون ان استوحي منها عملاً روائياً ما. كتابي إذاً، اهديته لسمير قصير لانه كان هو نفسه وراء الفكرة. 
الذي ينظر من الخارج الى هذه الحادثة، البعيد عنها اعني، قد يعتقد ان حادثة الموت او الثأر هو الجانب الروائي منها، وهذا بالضبط ما حاولت تفاديه. تفاديت بشدة التركيز على التابوهات او المحرمات الدينية. فكرتي، إذا كان من فكرة وراء هذه الرواية هو التماثل الحاصل بين ما عايشناه من احداث في صغرنا، وبين انطلاقة الحرب اللبنانية سنة 1975. لقد عايشنا في صغرنا، وفي الطفولة تنطبع الاحداث انطباعا غريباً، احداث سنة ال58، ثم بدأنا نشهد في ال75 ما يعادل تلك الاحداث، او لنقل كأنها عرض اول لمشهد النزاع الاهلي الذي عانيناه في عمر السابعة وعمر الطفولة (خطوط التماس، التطهير العرقي، الثأر على الهوية، الأفكار السلبية الجاهزة عن الآخر) وسوى ذلك، وهي تشبه جميعها حالنا مع الطوائف اللبنانية كافة. كل هذه الامور لا تحضر في الذهن ولا في الإحساس لدى الكتابة عند الكاتب. ما يحضر فعلاً اشياء اخرى، وتفاصيل اكثر حسية هي التي تملي على الكاتب كتابته في شكلها الاخير، وحرية الكاتب في اختيار اسلوبه انطلاقا من بهجته الخاصة إزاء رسم هذه الشخصية او تلك. 
تنوع صوتي 
هل هي لغتك نفسها، التي تنسحب على <<اعتدال الخريف>> و<<ريا النهر>> <<وعين وردة>> والآن <<مطر حزيران>> أم تتلبس لغتك الاحداث واختلاف الروايات. بمعنى اوضح، هل تفتعل لغة لكل رواية؟ 
هذه الرواية تحديداً، حملت تعدد أصواتها، وهي على تشابك شخصياتها بدا التنوع الصوتي فيها متعدداً، فلكل صوته الخاص سواء الرجل او المرأة او الطفل او العجوز، كشهود على احداثهم اليومية، ومن مواقعهم المختلفة. هذه الاصوات مجتمعة، يضاف إليها اسلوب الراوي الخارجي او البعيد عن الاحداث. وهو هنا يتدخل بوصفه صوتا أدبياً او تأريخياً او سوسيولوجياً. تعدد الاصوات والشخصيات في <<مطر حزيران>> دفعني الى ابتكار لغات عدة وأساليب عدة لتأتي مطابقة للشخصيات التي استنطقها عمّا عاشته وعما خبرته وشعرت به. رواية الصوت الواحد، او مونولوغ الكاتب، تأتي اكثر سهولة، وتتدفق بتلقائية وتتخلق استمراريتها من داخلها ومن دون تدخل اي صوت عداها. 
في <<مطر حزيران>> لكل فصل صوته الخاص. وما أجده طاغياً فيها هو صوت الطفل إبن السابعة، اي صوتي أنا الخاص كشاهد على الاحداث من وجهة نظري كطفل. صوت ابن السابعة هو صوت الرواية. وبوصفي كنت طفلاً، فلا ازعم انني رأيت كل شيء، او ادركت كل شيء. لذلك عمدت في روايتي الى استنطاق اصوات اكثر ادراكاً من صوتي الطفل، لكي تطل على الرواية من نوافذ اخرى. 
مع ذلك، وعودة الى سؤالك عن لغتي في هذه الرواية وتلك، وعمّا إذا كانت نفسها او تتغير، فأقول ان ثمة هذا الشعور الذي يلازم الكاتب، في انه في اية رواية، هو نفسه الذي يكتب، وان اسلوبه يلح عليه دائما، وانه مطارد من أسلوبه باستمرار. ثم ان تنوع الاصوات مهما بلغ، وكيفما تعدد، فإنه لا يلغي صوت الكاتب. تنوع الاصوات وتعددها يعزز الكتابة، لكنه لا يلغي صوت الكاتب وأسلوبه الحاضر دائما مهما اختلفت الروايات. 
ما الذي تمنحه لك أدبياً، جذورك الريفية. هل من علاقة بين الجغرافيا (المكان) والإبداع؟ 
اعتقد ان كتابة الرواية لا تأتي مستقلة عن المكان ولا عن صيرورة المكان. اعتقد ان الرواية اللبنانية، او كتابة الرواية بلبنان هي نقطة قطيعة بين ريف ما يزال حاضراً، ومدينة تلوح في الأفق من دون ان تتحقق. الريف هو هذه الخاصية بالضبط. وهي عندنا جزء من الريف ومن المدينة التي تلوح دائما. الكتابة الروائية اللبنانية تأتي إذاً من نوع كتابتين في وقت واحد. أنا شخصياً واجهت مثل هذه المشكلة في هذه الرواية <<مطر حزيران>> بالذات. ولقد وجدت نفسي إزاء توجهين: كتابة موضوع ثأري ينتمي الى ما قبل الحداثة كما كان كتبه الكثيرون، او كتابته كموضوع روائي بالرغم من ان متنه هو حادثة الثأر المعروفة، ولقد اخترت كتابته كروائي راهن وحداثي مستفيداً بمشكل فني من الحادثة بجعلها ذريعة جيدة للأدب. 
الرواية والمجتمع 
ثمة العلاقة الدائمة بالتاريخ في رواياتك، تتراوح في هذه وتلك، وثمة اهتمامك بتركيبة المجتمع اللبناني وتحولاته التاريخية ومنعطفاته، هل توافق؟ 
هذه العلاقة عائدة الى ثنائية الريف والمدينة وتشابكهما، وإلى تحولات المجتمع التي تعنيني، وإلى انماط الحياة والاجتماع والعلاقات الفردية والصداقات والزواج. الامور المتغيرة التي تطرأ بفعل الزمن والاحداث على الاشياء التي ذكرت، هي التي تستدعي كتابتي الروائية، وهي التي تشكل إطارها. 
الاشارة التاريخية او الخلفية التاريخية (حادثة الثأر في زغرتا مزيارة) في هذه الرواية تحديداً، هي الابرز والاقوى من كل الاشارات في الروايات السابقة. الخلفية هذه، طرحت عليّ مشاكل في التأقلم بين العمل الأدبي والتاريخ، من كون الصحف التي كتبت عن تلك الحادثة والمرحلة في تاريخ لبنان، ما زالت موجودة، كما ان الشهود العيان ما زالوا موجودين او قسم منهم ما زال، على قيد الحياة. 
لقد سعيت في <<مطر حزيران>> الى لملمة تفاصيل وعناصر كافية لكي تحفزني على الكتابة وتوقظ فيّ الحس بالرغبة بكتابتها، من دون العودة الى الوقائع الحقيقية. <<مطر حزيران>> هي لنقل رواية الاشخاص المتخيلين، او المصنعين من عدة نماذج وموديلات. مهمتي ككاتب، كانت ان اجمع وأوحد الاشياء من دون ان اخترع احداث. الشخصيات مؤلفة غير ان الاحداث حقيقية. 
هناك عملية استقراء شديدة الدقة، والرهافة لشخصيات الرواية، الرجال والنساء، الشيوخ والاطفال. الى اي مدى تستمتع ككاتب في سردك الممعن وصفاً بدواخل الشخصيات وخارجها، وإلى اي مدى يفيد هذا الوصف المتأني، الرواية ككل. 
استرسالي بالسرد يحدده مزاجي الكتابي، وحجم الوصف قياساً بهذا السرد يحدده ايضا طبعي الروائي، مع الاعتراف طبعا بأن التوازن العام في النهاية، يفرض نفسه عليّ لكي يأتي السرد متناسقاً استرسل على قدر إحساسي بالاشياء، وهي لذة السرد نفسها التي تفرض مساحتها ووقتها. هناك احداث تستدعيني وأعجز عن تلبية رغبتي الى صدّها. من هنا استمتاعي بالوصف والدخول منه الى اعماق الشخصيات. 
لا ادري تماما، وأنت محقة في هذا، منشأ استرسالي في الوصف، ولا اعتقد ان معرفتي بناس كثيرين هي السبب، او مراقبتي الدقيقة لهم او ملاحظتي اليقظة. <<الموضوع اكثر من هيك بكتير>> ولا ادري فعلا منشأه. يبقى انني احترم ككاتب، شخصياتي الروائية، واحترم خصوصياتهم سواء في السلوب او المفردات، واشتغل على وصفها بشكل يبدو استغراقاً احيانا، فهذا يتيح لي تسديدها حقها عبر تظهيرها بكافة تفاصيلها، سواء الشكلية منها، اي المتعلقة بالمظهر الخارجي، او دواخل الشخصية فأغوص في مزاياها حتى اكثر الملامح، فهذا يقربها من القارئ، ويجعله على تماس مع ما يصدر عنها من أفعال وأقوال.

Wednesday, March 1, 2006





I



أخبرونا في اليوم التالي. تركونا ننام ليل الاحد غافلين. فوق، في قاعة الجناح الشرقي من الطابق العلوي حيث تدخل علينا من الشبابيك المشرَّعة رائحة النهر القريب واصوات المؤذِّنين عند الفجر، حيث نتسلى عن حرّ ليالي حزيران بمتابعة السيارات القليلة العابرة شوارع السوق. وبشجار يثأر به الكسالى الاشقياء المفوّهون من أصحاب النظّارات السميكة الذين يضرب بهم الاساتذة المثل في الاجتهاد.
كانت الساعة تقترب من السابعة في قاعة الدروس عندما دخل علينا المدير يتبعه بوّاب المدرسة. من كانوا يغالبون النعاس منّا، وهم كثر صبيحة يوم الاثنين هذا، رفعوا رؤوسهم. فرير امبرواز لا يصطحب معه جميل الراسي لو كان الداعي نتائج مسابقة الحساب السيئة، او ما بلغه من إقدامنا في اليوم السابق على خلط الاغاني الشائعة بالتراتيل اللاتينية على مسمع عائلات المدينة من الموارنة والكاثوليك الذين تفتح كنيسة المدرسة ابوابها لهم ايام الآحاد فقط. فتلك شواذات كان المدير يعالجها بلغته الفرنسية المرصعة بقارص الكلام. تُربكنا لهجته اكثر من فهمنا لاسماء الطيور الاستوائية وزواحف الصحراء التي يوزعها علينا جماعة وفرادى. كان جميل على هزال بنيته وطبعه الصموت عين المدرسة وصلة وصلها مع الخارج. يفاوض المتظاهرين إذا ما جنح بهم هتّافو الصفوف الامامية الى باب المدرسة المُفضي الى سوق النحّاسين، طمعاً ولو لمرة واحدة بتعطيل الدروس وانضمام التلامذة الى المسيرة الغاضبة من العدوان الثلاثي على مصر. يقرض اصحاب الحاجات الطارئة مالا، يحمل الى الداخليين منّا توصيات مقتضبة من الأهل:
ـ يا أنيس يجب ان تأكل جيدا وأن لا تغادر المدرسة سرا للتسكع في الشوارع، فالاحوال ليست على ما يرام...
اذا نزل واحدهم الى المدينة يتبضّع او يفكّ رهنا عقاريا في السرايا، يعرّج على جميل ويودِع لنا عنده شيئا من جبنة الماعز او المعكرون بالسكّر. كانت مرمية عليه وحده، جميل، تلك الشؤون التي كنا نشعر أنه يستحيل ايصالها الينا بالفرنسية. فاللغة التي كنا نعارك لفك رموزها في كتبنا الكئيبة الصور، وتجري بطلاقة على ألسنة الفريرات المتشحين بالسواد، كانت تشير في نظرنا الى اشياء موجودة في مناخات اخرى لا نظير لها حولنا. أما احوالنا واسماؤنا فلغتها منها وفيها. لذا أسند جميل الراسي ظهره الى حاجب الباب وقال بلهجة ميتة:
ـ ولاد برقا ضبّوا كتبكم...
هذا ما كان يُكلّف به. أن يزفّ الى التلامذة المسلمين خبر يوم عطلة اضافي لهم وحدهم في عيد الاضحى وكذلك للروم الارثوذكس في عيد الفصح الشرقي أو ان يصرف قبل ساعتين من الدوام ابناء القرى الجبلية المغطاة بالثلوج. بلاغاته تُقابل بالهتاف والصفير اذا كانت رقابة الاساتذة متراخية. أما نحن، "ولاد برقا"، فانقلب الابلاغ بالانصراف على الكبار منا وجوما وعلى الصغار فرحة صامتة بتخريب الاسبوع من اوله، وقلقاً من الاخبار الصعبة التي لا بد ستلفحنا بعد قليل.
عند سماعنا كلام جميل الراسي لم نسارع الى افتعال الضجيج وجمع لوازمنا كما كانت تفعل في كل مرة الفئة المعنية باعلاناته. لكن فرير امبرواز وبالرغم من الوجوم البادي علينا لم يستطع منع نفسه من اطلاق اوامره بالفرنسية في اكثر اللحظات تأكيدا لظنوننا انه يفهم العربية ويخفي ذلك كي يوقع بنا:
ـ حذار الضجيج على السلالم!
كأنه حاول استرجاع بعض هيبة المدرسة التي عبث بها استسلامه لاطلاق سراحنا بعد الشرح الذي قُدِّم له على الأرجح حول الضرورة الحيوية لهذا الاطلاق. سقط صمت مفاجئ على مئات التلامذة الخارجيين الذين كانوا قد بدأوا يتوافدون الى المدرسة، فراحوا ينظرون الينا كأنهم يشاهدوننا للمرة الاولى في حياتهم نخترق الملعب وحوائجنا على ظهورنا. نمر الى جانب المسرح الخشبي الصغير حيث نقف كل صف بصفّه امام فوتو دافيديان لأخذ الصورة التذكارية نحن واساتذتنا. نحن اولاد برقا لن نظهر في صور نهاية الدروس لهذه السنة، 1957، المشؤومة. اعتصم جميل الذي قادنا الى الباب بصمته رغم اسئلتنا المتطايرة حوله والايدي الصغيرة التي كانت تشده من كتفه وتمسك سترته تكاد تمزقها الى ان قال اخيرا كمن يرفع عن نفسه اي تبعة:
ـ اسألوا موريس.
سائق الباص. وجميل محقّ في رمي الامر على موريس لان سائق البوسطة من عندنا، بينما جميل من قرية بعيدة في عكار، مجاورة للحدود السورية. موريس يحملنا الى اهلنا عندما تُفرج عنا المدرسة بعد الحاح، مرة في الشهر على الاكثر. كلما طالت اقامتنا بعيدا عن احياء البلدة اعتقد أهلنا ان حظنا اكبر في النجاة. كان موريس يمسك المقود بيديه الاثنين ينظر في الفراغ وهو ينتظر صعودنا.
ـ موريس!؟
هو ايضا لم يجب.
ناديناه، سألناه بجميع الالحان. كان يمكن الاعتقاد انه لا يريد التكلم على مسامع شخص غريب، جميل الراسي، الواقف يشهد على مغادرتنا ويتأكد من انضباطنا في الامتار القليلة من الرصيف التي تفصل حرم المدرسة عن الحافلة المتوقفة الى جانب الباب، في الدائرة الخارجية القريبة الواقعة تحت رقابته.
ـ موريس! شو الاخبار؟ من وين جايي؟
عشرون سؤالاً كل منها بلهفة خاصة لم تنتزع منه كلمة واحدة. ولا التفاتة الى الوراء او حتى نظرة في المرآة على جري عادته كي يطمئن الى انضباطنا واكتمال عقدنا. جميل الراسي انتظر حتى صعد آخر واحد منا ليغلق وراءه باب الحافلة الخلفي وهو يكرر خفراً كمن يسرّ لنا باكبر قدر يعرفه من المعلومات او كأنه يودّعنا بوصية أخيرة:
ـ انتبهوا عحالكم.
سمع موريس ضربة الباب فأدار المحرك وانطلق بنا دون أن يرسم اشارة الصليب. نحن ايضا لم نتشاجر على افضلية احتلال المواقع الملاصقة للشبابيك. ولم نتدافع لتقاسم المقعد الخلفي الواسع حيث نرخي اجسامنا بطولها ونمد ارجلنا على هوانا، فلا يذكّرنا جلوسنا هناك بالانضباط المتعب في قاعات المدرسة.
انشغل موريس اولا بالخروج من المدينة. وكان كأنه يتذرع بصعوبة العبور بالحافلة في الشوارع الضيقة كي يؤجل الاجابة عن الاستفهامات المتوالية. وكأنه يبرر عدم تفرغه للاجابة بالتبرم المفرط البادي على وجهه وهو يسعى لتفادي الارتطام بعربات الفواكه وباعة السوس المتجولين او براكبي الدراجات الهوائية وقيادتهم البهلوانية وهم يحملون طلبات الفول او الحمص الى الزبائن. حافظ على صمته ولم يتأفف عاليا في ذلك اليوم من الفوضى الضاربة في سوق القمح. لم يشتم العتّالين الذين يسدّون الشارع وهم مكسورون تحت احمالهم الثقيلة. حتى أنه صبر على عربجي عالق مع حصانه وسط بسطات الخضر يعوق المرور، وكانت كلها في نظره، وكما أشبعنا خطابات، براهين ساطعة على عجز العرب عن كسب الحروب دون ان يفصح اذا كان سعيدا بخسارتهم هذه أم متألماً منها. لكنه بدا غير قادر على الكلام في تلك الصبيحة وهو يجاهد بذراعيه القصيرتين يلف بهما المقود المستدير الواسع في المنعطفات القاسية المتوالية صعودا الى مدرسة الاميركان. في كل حال كنا نشعر أن موريس وللمرة الاولى في تاريخ نقلنا الى بيوتنا لم يكن مستعجلا الوصول. ولا نحن كنا مستعجلين كما أتذكر.
تجاوزنا الابنية الاخيرة المتناثرة على جهتي شارع الارز، انعطفنا عند خزان المياه. بعد ان ارتاح في القيادة على الطريق المستقيمة، وفي الوقت الذي كان يفترض به ان يبدأ باخبارنا لماذا يعود بنا الى بيوتنا يوم الاثنين، وما ان ظهرت علينا الجبال العالية التي كانت لا تزال غارقة حتى تلك الساعة في ضباب صباحي خفيف، سمعنا شهقته. أدركنا فجأة أنه لن يحكي فتوقفنا جميعا عن الاسئلة ورحنا ننظر اليه في المرآة العريضة التي كانت تساعده على مراقبتنا... كانت عيناه الواسعتان خضراوين بلون التفاح. مثل تلك التي كان يمنعنا جدي لوالدي من قطافها مدعيا دائما انها لم تنضج بعد.
انكشف امامنا السهل المؤدي الى البلدة وموريس يبكي. لم يخرج الجالسون الى جهة الشبابيك رؤوسهم ليعرّضوها للهواء وللتمتع بمنظر اشجار الزيتون تهرع في الاتجاه المعاكس، صوب المدينة، وتحرك رتابة السهل. في انبساط السهل، نظرنا الى بعضنا، أحصينا بعضنا. كنا ثمانية عشر تلميذا من مختلف الصفوف، لكننا لم نكن جميعاً من برقا. إندس بيننا اثنان غريبان. أهلهما في الواقع يقيمون في البلدة لكنهم غرباء. جميل لم يكن يميّزهم عنا. كانوا من سكان برقا وليسوا من اولادها، فاختاروا الركوب معنا مخاطرين بمشاطرتنا ما ينتظرنا من اخطار على البقاء جالسين على مقاعد الصف الكئيبة.
موريس يبكي كأنه وحده لا تحدق فيه كل تلك العيون. بينه وبين نفسه. جارنا موريس. لم يرزق باولاد، كنت اراه يجلس بعد فراغه من ايصال التلامذة الى منازلهم الى جانب زوجته على مقعد خشبي تحت شجرة عنّاب كأنهما ينتظران هبوط المساء والى جانبهما راديو يبث بصوت عال اغاني محمد عبد الوهاب. كان موريس اول شخص رأيته يبكي مستسلما، لا يمسح دموعه بل يتركها تسيل على خديه وتسقط قطرات منها فوق مقود البوسطة. لم يكن شائعا البكاء هكذا الا في بعض افلام الغرام التي كان يهرب الطلاب الكبار من المدرسة الى سينما الروكسي لحضورها. عيناه الخضراوان كانتا تكبران في المرآة الواسعة. يبكي ونحن نتفرج عليه في سكوت تام اكتشفنا معه مقدار ما تصدره الحافلة من انواع الصرير والارتجاج الذي كنا نغطيه بصراخنا الدائم خلال رحلاتنا العادية في حافلة موريس المترنحة.
لم يشغلنا عن موريس الا وصولنا الى العقبة حيث ظهرت علينا البلدة المتجمعة فوق التلة وبقايا ضباب ابيض طالع من النهر ما زال يلفّها. بعد تمهل قصير قبل السحبة الاخيرة، انحدر بنا وسط زغردة الكوابح الى أن بان امامنا الجسر الحديدي والحشد المتحلق حول دبابة عسكرية يطل من برجها جندي يلبس خوذة يفترض انها مطلية تمويها بالوان الطبيعة. لم يكن هناك سوى نساء وجنود. رأيت بينهن خالتي. كانت ترتدي فستانا أحمر اللون وشعرها منفوش. كانت غالبية النساء ترتدي الاسود. لا أعرف لماذا أرسلوها هي وليس غيرها لاصطحابي، افترضت أن أمي وأبي مشغولان بما يحدث. رأيتها عن بعد، تشبك ذراعيها على صدرها وهي تهز كتفيها بعصبية. كن حوالى العشرين امرأة متجمعات في كتلة واحدة وفرقة صغيرة من الجنود المنتشرين فوق الجسر وحوله. ولما نزلنا من الباص سمعنا جندياً يخبر رفيقه وبنادقهما على كتفيهما وهما ينظران الى الماء الموحل كيف تأخر ذوبان الثلوج العام الماضي وكيف طاف النهر وأخذ جسر الحجر وركّبوا جسرا حديديا مكانه. حاولت ان اسأل خالتي ماذا يحدث فأسكتتني. وضعت يدها على فمي كأني ارتكب خطأ جسيما. تحركت النساء برفقة التلامذة في اتجاه البلدة سيرا على الاقدام. كان الموكب غريباً. أمسكتني خالتي من يدي ومشت بي. أعتقد أني تلفتّ كثيرا لاعرف ماذا سيفعل رفاقي الذين لم يأت أحد لاصطحابهم فبقوا واقفين ينتظرون بصحبة الجنود. التلميذان الغريبان، لم يأت أحد لاصطحابهما، ربما لم يتوقع أهلهما أن يحضرا على هذه الصورة المباغتة، لا اعرف لماذا كنت قلقا عليهما مع ان الخطر لا يطال الغرب.

الغرب، بكسر الغين أو بضمّها في بعض اللهجات، وهي جمع الغريب اي الغرباء أنفسهم، علما ان الغَرب بفتح الغين هو نفسه الاتجاه الذي يأتي منه من ليسوا منّا، الطارئون علينا، فنتشدق بالقول بمناسبة او بدونها انه لا يأتينا من بينهم مَنْ يسرّ القلب. يحمل هؤلاء الداخلون علينا معهم ما يدل عليهم وعلى غربتهم ما ان يتكلمون. فالغريب تشي به اولا لهجته وهي عموما مضحكة ونحن نستغرب كثيرا كيف تصبح احيانا لهجة واحد منا، ابن عمّ أو جار، أمضى سنة او سنتين في مدرسة قريبة من العاصمة، تتغير لهجته لتصبح اقرب الى كلام البيارتة او أهل كسروان. وتلك لهجات لا نستسيغها اطلاقا، نحاول تقيلدها دون نجاح كي نسخر من المتكلمين بها وهم يُلحقون بآخر كلماتهم حرف الشين او يلفظون القاف كاملة على غرار أهل الشوف، وليس بتخفيفها الى همزة المخفف كما نفعل نحن. كأن هذه الخصوصيات الساخرة تجعل المتلفظين بها على درجة لا جدال فيها من البلاهة وخفة العقل لا يمكننا تحمّلها. واذا ردّوا لنا الصاع بالهزء من لهجتنا التي نكثر فيها من اصوات الضم، فتتحول معها مناداة الشقيق، "خيي"، الى "خيّو" والوالد، "بيي"، الى "بيّو"، نقول تلطيفا وتبريرا اننا ورثناها من السريانية التي ندّعي احيانا انها لغتنا الأصل وأن لا عيب في ذلك بل فيه شيء من الفخر والعراقة. والغريب يُعرف ايضا ويُفتضح خاصة من أكله. و"أكل الغرابة" موصوف ويكشفهم على وجه الخصوص صنعهم الكبة التي تخرج من بين ايديهم سميكة يضيفون اليها البهار لتطييبها، او مآكل نسمع باسمها ولا نرى لها أثرا على موائدنا كالأرنبية والأبلمة وغيرهما. والغريب لا يُحصى، ففي استعادة الحوادث التي يسقط فيها قتلى وجرحى لا يرد ذكر الاغراب لا في اسمائهم ولا في اعداد الضحايا من بينهم. واذا انتشر خبر حادث، قتل او اصطدام سيارة، افضل طريقة للتطمين ولتبريد القلق ان يعلن احدهم ان الضحية "غريب"، فينتهي الاستنفار والترقب ويعود الجميع الى ما كانوا عليه. اما الزوجة التي يأتي بها شاب من خارج البلدة فلا اسم لها، فهي "غريبة" ولا ينصح بها عموما لأنها ستكون بالضرورة متطلبة ترهق الزوج الذي لا تتحمله الا بنت بلدته. ولا تبدأ "الغربة" من على بعد كيلومترات بل بمجرد الخروج من البلدة مئات الامتار، تبدأ الغربة من اول قرية تختلط بساتينها ببساتيننا... اما الزمن المطلوب من اجل "التبلّد" فليس مضمونا، ولا يمكنك ان تعرف ابدا متى يتوقف القول فيك وفي أهلك وعائلتك، همسا، انكم "غرباء" جاء بكم أسعد بك من عكار لتبنوا له بيتا. وقد يعتقد السامع غير المطلع ان هذا النزوح المهني حدث البارحة، فاذا به عند التدقيق الاولي في سيرة هذا الوجيه ابن البيت الكبير، قد حصل بالتأكيد قبل العام 1887، وهي السنة التي أكتمل فيها البيت الذي بنى اجدادك عقده ورفعوا حجارته المصقولة...


بقيت منشغلا بمصير التلميذين الغريبين اللذين انضما الينا حتى سمعت زمّور البوسطة فألهاني عنهما. فيما نحن تفرقنا على النساء اللواتي قدمن لاصطحابنا، بقي موريس جالسا في مقعد القيادة ينتظر. كان يرخي بيديه على المقود وعيناه الخضراوان لا تزالان مبتلّتين بدموعه الصامتة. وكان من جلسته هذه وارخائه يديه بثقلهما على المقود أن أطلق دون ارادة منه بوق الحافلة فارتعدت النساء وتمسك بعض منهن بالصغار في حركة لاشعورية. سألت خالتي لماذا لم يكمل بنا موريس الى جوار بيوتنا كما يفعل عادة، فنهرتني بأن اتوقف عن التطلع الى الخلف وأن أسرع في المسير. دخلنا مفترقا فغابت عن ناظريّ الحافلة والجنود وجسر الحديد فوق النهر.
كانت مجموعة النساء والتلامذة تتقلّص مع سلوك البعض الطرقات المتفرعة من الشارع العام سعيا للوصول الى بيوتهم باقصى سرعة، وكانت النساء ينظرن في جميع الاتجاهات. كانت تصلنا دقات جرس كنيسة السيدة العذراء في الحارة التحتا، لم تكن دقات القداس العادية ولا دقات الحزن الثلاثية، بل دقة واحدة لم نعتد سماعها من قبل، تتموج فوق صمت البلدة يعقبها سكوت طويل، فضربة، فسكوت... لاحظت ان خالتي كانت تعمد كلما اقتربنا من العبور امام احد هذه الزواريب المؤدية الى الحارات الداخلية، الى جعلي أسير من الجهة المقابلة محاوِلة ان تخبئني بجسمها عندما نصبح مكشوفين من داخل الزاروب. لم ادرك في تلك اللحظة عندما كانت تنقلني من يمينها الى يسارها انها كانت تفضل احتمال اصابتها هي بالطلق الناري الذي سيوجه الينا من عمق احد هذه الشوارع الضيقة. كانت تسرع الخطى وتسحبني معها الى ان انعطفت بي نزولا.
هناك انقلبت الادوار. جاء دورها في التلفت وراءها لتتأكد انه لم يعد هناك احد في مجال صوتها. انتابني شعور باننا مطاردون فاسرعت الخطى هذه المرة دون ان تطلب مني. لكن ما ان تقدمنا قليلا داخل الحيّ بدا عليها انها ارتاحت قليلا. بدأت تحكي. لا اعرف لماذا راحت تقول ان أفضل شيء حدث لها في حياتها كلها انها لم تتزوج بالرغم من ان أحسن الشباب "طلبوها" وراحت تعدهم: سلمان أبو شلحه وسعيد انطون وثالث سافر الى المكسيك حيث صار واسع الثراء وساهم في بناء الكنيسة الجديدة في البلدة. ساعة خير أنها رفضت الزواج، تتوقف وتقول بنفور مبالغ فيه انها تكره الرجال وغلاظة الرجال ورائحة الرجال، وكذلك الاولاد، ما الفائدة من الاولاد؟
عند مرورنا امام انفراج بين البيوت يسمح بانكشاف الافق توقّفَتْ عن الكلام. أمسكتني من كتفي وأوقفتني كي تدلني الى البلدة الصغيرة الجالسة فوق احدى شرفات الجبل المطل علينا من جهة الشرق لتنبئني بانه لن يبقى فيها حجر على حجر. لم أكوّن فكرة عما يحدث سوى انه ضربة عظيمة لا يريد الكبار اخبارنا بتفاصيلها لكنهم بتلميحاتهم وبما يرتسم على وجوهم كانوا يشعروننا فعلا ان الدنيا تنهار من حولنا. لم افهم ما يحدث الا ساعة التقيت رفيقا من عمري، من أشقياء حارة "العصابة"، فكلمني بلغتي وما قاله لي بقي محفورا في ذهني على انه الرواية "الاولى" لما حدث.
عند دخولنا في الدهليز ضربت خالتي الحازوقة. كانت الشهقة الاولى مفاجئة وقوية بحيث انخلع صدرها الى الوراء وأهتز جسمها كله فتوقفت عن السير وكادت تلتفت حولها لترى من اين خرج هذا الصوت. لكنها لم تتوقف عن الكلام، كانت تسرع في الكلام، تتحدث وحدها، لم تعد تتوجه اليّ، أدركت في ما بعد انها كانت تزيد من سرعتها وانفعالها برمي الكلام في جميع الاتجاهات كلما اقتربنا من ساحة الكنيسة. كانت تشتم الرطوبة التي هي حصتنا وداء المفاصل الذي يصيب الصغار وقلة الدين والطمع. تذكر اسماء اناس خانوا الأمانة وآخرين سرقوا وقتلوا... طلبت منها ان تكف عن الحديث هكذا لانها ستحوزق مجددا.
كانت تلك هي الجملة الوحيدة التي تلفظت بها منذ امسكتني بيدي عند نزولي من حافلة موريس. لكنها لم تعرني اهتماما وراحت تكمل وتلعن من اختار هذا المكان لاقامتنا، لماذا لم يختاروا مكانا آخر، على شاطئ البحر نرى منه وجه ربنا، حشرونا هنا بين النهرين... وصلنا الى باب دير الراهبات فسمعنا صوت امرأة تندب عاليا... جمدت خالتي من جديد في مكانها عند سماعها الصوت الابح ثم انهالت على صاحبته باقسى الكلام.
ـ القحباء هنا منذ الساعة السادسة صباحا، لم تسكت، لم تلتقط انفاسها، لن تبقي احدا حيّا!
ثم سألتني والحازوقة لا تزال تقاطعها بوتيرة متسارعة اذا كنت أعرف كيف أصل وحدي الى البيت. فأومأت برأسي ايجاباً. قل لأمك ان خالتك لم تعد صالحة لشيء. ثم انحنت عليّ واعترفت لي بصوت هامس في اذني انها لم تدخل ساحة الكنيسة حيث نسكن منذ يوم امس. وانها أمضت ساعات النهار والليل وهي تدور حولها، تسترق النظر من خلف البيوت ولا تجرؤ على اطالة النظر، تغمض عينيها وتهرب.
أكملت الطريق وحدي. مئتا متر على الاكثر. قبل ان تنكشف الساحة أمام عيني، رأيت شاعر الوردة واقفا في قبة الكنيسة. فوق، حيث تبيت عصافير السنونو بعد طيرانها الاستعراضي في الربيع على علو منخفض يلامس احيانا رؤوسنا الصغيرة قبيل غروب شمس النهارات. يبني مغارة عيد الميلاد، يسكنها شخوصا كبيرة ويسيّل فيها سواقي الماء شلالات. شاعر الوردة، يصنع طائرات الورق ويملأ جدران الحي كتابات باصابع الفحم تدعو الى وحدة "الهلال الخصيب" وتمجّد "الزعيم"، يوقّعها باسمه المستعار: شاعر الوردة. رأيته يسند ظهره الى الجرس محركا جسمه بهدوء الى الامام والى الوراء دون ان يصدر الجرس اي صوت وهو ينظر الى الساحة من فوق. يشير بيده الى نقاط محددة تحت وهو يعدّ بصوت عال، واحد، أثنين، ثلاثة... الى ان يصل الى العشرة فيضرب يده بقوة على صدره فترجعه الضربة الى الوراء فيدق الجرس ضربة واحدة. ثم يعيد الكرة من جديد، واحد، اثنين، ثلاثة... كانوا عشرة رجال على عشرة أسرّة.
أخرجوا الأسرّة من المنازل المجاورة ومدّدوا القتلى فوقها، أعطتهم أمي سرير أخي الذي يكبرني سنتين وقد ظل هذا التفضيل موضوع جدل بيننا يتكرر طوال مراهقتنا، هو يتباهى وانا أدّعي الاشمئزاز منه. وأعجب من جارتنا التي أصرت على أن يُمدِّد أخوها فوق سريرها هي وكيف لم تعد تغسل الشراشف لتبقى رائحته فيها تشمها على مشتهاها. صارت متسخة سوداء، توقفت عن شمِّها على ما اعتقد لكنها لم تغسلها لانها كلما همّت بذلك تذكرت أخاها.
كانت الساحة مليئة بالنساء والاولاد، مجموعات موزعة حول الاسرّة. الزوجات، الامهات، الاخوات، خصوصا الاخوات، بنات الجيران الصغيرات يقلدن الكبار بامساك شعورهن ربطتين وترقيص رؤوسهن يمينا ويسارا. رأيت بينهم بائع الاقمشة الاحدب ذا الصوت النسائي الرفيع الذي كان يردد اغاني الغرام بفرنسيته الركيكة للفتيات الصغيرات قبل ان يقرصهن في افخاذهن متى سنحت له الفرصة. رأيت كاهنا يبكي. لم أر أثراً للرجال الا الممدين فوق الاسرّة في ثياب ايام الآحاد وقد ارتسمت تعابير وجوههم الى الابد. رأيت امرأة لم أرها في حارتنا من قبل، طويلة بيضاء، تنتقل من سرير الى سرير، تجلس الى جانبهم، ترتب لهم ربطات العنق، ترفع خصلة شعر متدلية على الجبين او تمسح عن الخد بقعة دم او غبار، تتأمل الوجه قليلا وتكمل دورتها.